تعتبر السلاحف الهندية ذات السقف (Pangshura tecta) كائنات برمائية فريدة، تستوطن الأراضي الرطبة بالمياه العذبة في شبه القارة الهندية. وسبق طرح مقال عن وصف ورعاية هذه السلاحف بالرابط التالي،
رعاية السلحفاة الهندية ذات السقف
تتميز هذه السلاحف بصدفتها المميزة ذات الحافة الوسطى البارزة كأنها سقف، مما أكسبها اسمها. بالرغم من جمالها وأهميتها البيئية، تواجه هذه السلاحف تحديات تهدد بقاءها. تستعرض هذه المقالة دورة حياة هذه السلاحف المذهلة، مع التركيز على تكاثرها وتعشيشها، بالإضافة إلى استعراض الفروق بين الذكور والإناث، ورعاية الصغار بعد الفقس، وسلوك البيات الشتوي، والأمراض الشائعة، وجهود الحماية المبذولة للحفاظ على هذا السلاحف.
تبدأ دورة التكاثر لدى السلاحف الهندية ذات السقف في فصلي الربيع والصيف، حيث تكون الظروف البيئية من حيث درجة الحرارة ووفرة الغذاء أكثر ملاءمة للتزاوج ووضع البيض. تصل هذه السلاحف لمرحلة النضوج الجنسي في عمر يتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، ويختلف باختلاف معدل النمو والظروف البيئية المحيطة بها.
خلال موسم التكاثر، يبدأ الذكور بإظهار سلوك مميز لجذب الإناث. قد تشمل هذه الطقوس لمس وجه الأنثى بمخالب الذكر أو إصدار حركات معينة بالرأس أمامها. إذا أبدت الأنثى تقبلًا، يتم التزاوج بالماء.
بعد التزاوج بأسابيع، تبحث الأنثى عن مكان آمن ومناسب لوضع بيضها. تفضل السلاحف حفر جحور بالتربة الرملية الناعمة بالقرب من ضفاف الأنهار والبرك. تقوم الأنثى باستخدام أطرافها الخلفية لعمل حفرة بعمق مناسب، ثم تضع فيها ما بين 2 إلى 14 بيضة بالمرة الواحدة، ويعتمد عدد البيض على حجم الأنثى وعمرها وحالتها الصحية والظروف المعيشية. بعد وضع البيض داخل الجحر، تقوم الأنثى بتغطيته بالرمل والتربة لضمان حمايته من المفترسات والتقلبات المناخية.
تستغرق حضانة البيض حوالي 60 يومًا، وتختلف المدة قليلاً بناءً على درجة حرارة التربة. تلعب الحرارة دورًا حاسمًا في تحديد جنس الصغار. ففي درجات الحرارة المرتفعة نسبيًا (أعلى من 30 درجة مئوية)، يفقس البيض إناثًا. بينما في درجات الحرارة المنخفضة (أقل من 28 درجة مئوية)، يفقس البيض ذكورًا. أما في درجات الحرارة المتوسطة، ينتج عن الفقس كلا الجنسين.
أحيانًا ولأغراض الحماية يتم استخراج البيض بعناية من العش ونقله ليتم احتضانه بحاضنات خاصة، يتم التحكم في درجة حرارتها بدقة (عادة بين 28 إلى 30 درجة مئوية) لضمان معدلات فقس متنوع. واستخراج البيض وتحضينه مشروح بالمقالات التالية،
احتضان بيض السلحفاة والعناية به
بعد فقس البيض، تخرج الصغار بطول حوالي 3.5 سم. تكون الصغار بهذه المرحلة ضعيفة وعرضة للخطر.
في البرية، تواجه الصغار تهديدات عديدة من المفترسات كالطيور والأسماك الكبيرة.
في المنازل، يجب توفير بيئة مناسبة لصغار السلاحف تتضمن حوض بمياه ضحلة يسهل عليهم الحركة فيه، ومناطق للاستجمام والتجفيف. يجب أن تكون درجة حرارة الماء والهواء مناسبة، وتوفير إضاءة UVA/UVB ضرورية لنمو صحي للعظام والصدفة.
تتغذى صغار السلاحف بالمنازل على أطعمة تشمل حبوب السلاحف الصغيرة (الحبيبات الجاهزة) والأسماك الصغيرة والديدان المقطعة لأجزاء صغيرة لتناسب أفواهها. يجب تقديم الطعام بانتظام وبكميات مناسبة لضمان النمو الصحي. وطرق العناية بصغار السلاحف البرمائية عمومًا بعد الخروج من البيض موضحة بالرابط التالي،
رعاية السلاحف شبه المائية (البرمائية) بعد الفقس
تتميز السلاحف الهندية ذات السقف ببعض الفروقات بين الذكور والإناث:
الحجم: عادةً تكون الإناث أكبر حجمًا من الذكور ويمكن أن يصل طولها إلى حوالي 25 سم أو أكثر.
شكل الذيل: ذيل الذكر يكون أطول وأكثر سماكة عند القاعدة مقارنةً بذيل الأنثى. كما أن فتحة الشرج تكون أقرب إلى نهاية الذيل بالذكور.
شكل الصدفة: تكون الصدفة في الذكور أكثر استقامة وانحدارًا، بينما تمتلك الإناث صدفة أكثر استدارة وارتفاعًا لاستيعاب البيض.
بطن الصدفة: يكون بطن الصدفة (بلاستيرون -plastron) مقعرًا قليلاً عند الذكور، وهي سمة تساعد الذكر على التشبث بظهر الأنثى أثناء التزاوج
السلوك: خلال موسم التكاثر، يلاحظ نشاط أكبر ومشاحنات بين الذكور حيث يتنافسون على التزاوج مع الإناث.
تحديد ذكر وأنثى السلاحف البرمائية
تمارس السلاحف الهندية ذات السقف ما يشبه البيات الشتوي في بيئتها الطبيعية استجابةً لانخفاض درجات الحرارة ونقص الغذاء خلال فصل الشتاء. لكن بالمنازل مع توفير درجات حرارة مناسبة على مدار العام، فلا تحتاج هذه السلاحف للدخول في بيات شتوي.
عندما تدخل السلحفاة ذات السقف في الخمول الشتوي، ليس بالضرورة أن تدفن نفسها بالكامل لعدة أشهر كما تفعل أنواع أخرى. خلال البرودة الشديدة، قد تدفن نفسها جزئيًا في الطين أو تختبئ تحت الماء في حالة من الخمول العميق. وينخفض نشاط السلحفاة بشكل كبير وتتوقف عن التغذية، وغالبًا ما تبقى بالماء أو تختبئ في مناطق طينية موحلة لتوفير الحماية والدفء.
تعتمد عملية البيات الشتوي بشكل كبير على الظروف البيئية المحيطة. بالمناطق التي تشهد انخفاضًا كبيرًا بدرجات الحرارة، تبحث السلحفاة عن مكان آمن ومناسب للبقاء فيه حتى تتحسن الظروف المناخية. أما بالمنازل، فتوفير حرارة مناسبة باستخدام المصابيح وأجهزة التدفئة تلغي حاجة السلحفاة للدخول في خمول شتوي.
تتعرض السلاحف ذات السقف كغيرها من الزواحف لأمراض تؤثر على صحتها، من أبرزها:
الأمراض التنفسية: يمكن التعرف عليها من خلال ظهور صوت أزيز أو صفير وكسل ومن الأعراض الخطيرة سباحة السلحفاة بشكل مائل. وغالبًا يحدث ذلك بسبب سوء التدفئة، أو التعرض لتيارات هواء باردة أو ارتفاع كبير بالرطوبة.
الوقاية من أمراض التنفس: توفير حرارة مناسبة، وتجنب وضع السلحفاة بمناطق معرضة للتيارات الهوائية، والتأكد من جودة التهوية حولها.
علاج سلحفاتك البرمائية من نزلات البرد
علاج السلحفاة من الالتهاب الرئوي
مشاكل العظام ولين الصدفة: تحدث عند نقص الكالسيوم وفيتامين د3 نتيجة عدم التعرض الكافي لضوء الأشعة فوق البنفسجية (UVB) من الشمس أو تناول نظام غذائي يفتقر للتنوع والتوازن
الوقاية من مشاكل العظام والصدفة: التشميس بانتظام يوميًا وتوفير مصباح UVB عالي الجودة، وتوفير نظام غذائي متنوع وغني بالكالسيوم مع مكملات الفيتامين.
عفونة الصدفة (Shell Rot) (فطريات السلاحف): ينتج عن سوء جودة المياه والرطوبة الزائدة مع عدم توفير منطقة للتجفيف وعدم التشمس.
الوقاية من عفن الصدفة: الحفاظ على نظافة المياه وتغييرها بانتظام وتوفير منطقة جافة ودافئة للتجفيف، والمواظبة على تشميس السلحفاة.
التهابات العيون: أحد أهم الأسباب هي عدم نظافة الحوض ونقص فيتامين (A) أو العدوي من سلحفاة مريضة.
الوقاية من مشاكل العيون: الحفاظ على نظافة الحوض وتوفير نظام غذائي متوازن غني بفيتامين (A)، وعزل السلاحف المريضة وفحص العيون بانتظام.
مشاكل عيون السلاحف البرمائية وعلاجها
نقص فيتامين (A): يحدث بسبب سوء التغذية وينتج عن ذلك مشاكل بالعيون والجهاز التنفسي.
الوقاية من نقص فيتامين (A): توفير طعام سلاحف متوازن ومتنوع يشمل الخضروات الورقية الداكنة والجزر والبطاطا الحلوة.
تدمير الموائل: يؤدي التوسع البشري لأغراض التنمية الحضرية وتجفيف الأراضي الرطبة لفقدان الموائل الطبيعية لهذه السلاحف.
التلوث: يؤثر تلوث المياه بالأسمدة والمبيدات والمخلفات الصناعية سلبًا على صحة السلاحف وجودة بيئاتها.
التجارة غير القانونية: يتم جمع السلاحف الهندية ذات السقف من البرية لغرض التجارة كحيوانات أليفة، مما يقلل أعدادها بشكل كبير.
الافتراس: يزداد معدل افتراس البيض والصغار بسبب فقدان الغطاء النباتي وتغير البيئة، مما يجعلها أكثر عرضة للمفترسات.
نظرًا للتحديات التي تواجه السلاحف الهندية ذات السقف في بيئتها الطبيعية مثل فقدان الموائل والتلوث والتجارة غير القانونية، تُبذل جهود دولية لحمايتها وضمان بقائها. وتشمل هذه الجهود:
إدراجها ضمن اتفاقية CITES الملحق الثاني: مما يعني وجود ضوابط وتنظيم للتجارة الدولية بهذا النوع من السلاحف.
برامج التوعية: تنفيذ برامج توعية بمناطق تواجدها وخاصة في الهند وبنغلاديش، لزيادة الوعي والحفاظ على هذه السلاحف بالحد من الصيد غير القانوني وحماية مناطق التعشيش.
إنشاء محميات طبيعية: تقوم بعض الدول بإنشاء محميات طبيعية لحماية السلاحف، مما يوفر لها بيئة آمنة للتكاثر والعيش.
مشاريع إعادة التوطين: يتم تنفيذ مشاريع لإعادة السلاحف التي تم إنقاذها أو تربيتها بالمنازل إلى بيئاتها الطبيعية بعد التأكد من سلامتها.
دورة حياة السلاحف الهندية ذات السقف، تمثل جانبًا هامًا من التنوع البيولوجي الفريد في شبه القارة الهندية. وهذه الكائنات الرائعة تواجه تحديات متزايدة تهدد بقاءها. تتطلب حماية هذه السلاحف تضافر الجهود على المستويات الدولية والمحلية، من خلال الحفاظ على موائلها الطبيعية ومكافحة التجارة غير القانونية وزيادة الوعي بأهميتها البيئية. من خلال المساهمة في حمايتها، يمكننا ضمان استمرار وجودها.
مقالات ذات صلة
كيف نصنع حاضنة بيض سلاحف وكيف نتحكم في نوع الجنين
مصادر علمية
Das, I. (2002). "A Photographic Guide to Snakes and Other Reptiles of India". New Holland Publishers
Ernst, C. H., & Barbour, R. W. (1989). "Turtles of the World". Smithsonian Institution Press
Moll, E. O. (1997). "Effects of Habitat Modification on River Turtles in South Asia". Conservation Biology, 11(3), 928-931
The IUCN Red List of Threatened Species. (2024). Pangshura tecta